يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون) *. (1) فمن دان بالجبر، أو بما يدعو إلى الجبر فقد ظلم الله ونسبه إلى الجور والعدوان، إذ أوجب على من أجبره العقوبة، ومن زعم أن الله أجبر العباد، فقد أوجب على قياس قوله: إن الله يدفع عنهم العقوبة (أي لازم القول بالجبر أن الله لا يعذب العصاة، لأنه دفعهم إلى المعاصي)، ومن زعم أن الله يدفع عن أهل المعاصي العذاب فقد كذب الله في وعيده، حيث يقول: * (بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) *. (2) وقوله: * (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا) * (3) وقوله: * (إن الذين كفروا ب آياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما) * (4)، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة في هذا الفن ممن كذب وعيد الله ويلزمه في تكذيبه آية من كتاب الله، الكفر، وهو ممن قال الله [في حقه]:
* (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون) *. (5) بل نقول إن الله عز وجل يجازي العباد على أعمالهم ويعاقبهم على أفعالهم بالاستطاعة التي ملكهم إياها، فأمرهم ونهاهم بذلك ونطق كتابه: * (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون) * (6). وقال جل ذكره: * (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما