مفاهيم القرآن (العدل والإمامة) - الشيخ جعفر السبحاني - ج ١٠ - الصفحة ٣٣٩
ما لا تعلمون) * (1) فلم يزل الله عز وجل علمه سابقا للأشياء قديما قبل أن يخلقها ". (2) 6 - روى الحسين بن خالد، عن الرضا عليه السلام قلت له: أخبرنا عن قول الله: * (والسماء ذات الحبك) *، قال: " هي محبوكة إلى الأرض، مشبكة بين أصابعه "، فقلت: كيف تكون محبوكة إلى الأرض والله يقول: * (رفع السماوات بغير عمد ترونها) *؟ فقال: " سبحان الله أليس يقول: * (بغير عمد ترونها) *؟ " قلت: بلى، قال: " فثم عمد، لكن لا ترونها ". (3) والإمام يصرح في كلامه هذا بوجود عمد في السماء غير مرئية، ولعله يريد قانون الجاذبية العامة التي كشف عنها العلم، والتفصيل موكول إلى محله.
7 - قد شاع في عصر الإمام الاعتقاد بالرؤية التي دخلت في أوساط المسلمين من طريق الأحبار والرهبان، واغتر بها أكثر المحدثين البسطاء، وربما كانوا يستدلون عليها بما ورد في معراج النبي، وأنه وصل في معراجه إلى مكان لم يبق بينه وبين ربه سوى قاب قوسين أو أدنى، قائلا: بأن المراد من قوله: * (ثم دنا فتدلى) * أي دنا من الله ومقامه الكائن فيه، ولكن الرضا عليه السلام يواجه هذه الفكرة بالنقد الحاسم، والرد العنيف، وإليك القصة: دخل أبو قرة المحدث على أبي الحسن الرضا فقال: إنا روينا أن الله قسم الرؤية والكلام بين نبيين، فقسم الكلام لموسى ولمحمد الرؤية؟! فقال أبو الحسن عليه السلام: " فمن المبلغ عن الله إلى الثقلين من الجن والإنس، * (لا تدركه الأبصار) * و * (ولا يحيطون به علما) * و * (ليس كمثله شئ) * ثم أليس محمد؟ " قال: بلى. قال: " كيف يجئ رجل إلى الخلق جميعا فيخبرهم أنه جاء من عند الله وأنه يدعوهم إلى الله بأمر الله فيقول: * (لا

(١) البقرة: ٣٠.
(2) عيون أخبار الرضا: 1 / 118.
(3) تفسير علي بن إبراهيم: 646.
(٣٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 ... » »»