أمرا غريبا في القرآن بل له نظائر مثل قوله: * (لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما) *. (1) وعلى ذلك جرى شيخ الشيعة المفيد في تفسير الآية، حيث طرح السؤال، وقال:
فإن قال قائل: فما معنى قوله: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * أوليس هذا يفيد أنه قد سألهم مودة القربى لأجره على الأداء؟
قيل له: ليس الأمر على ما ظننت لما قدمنا من حجة العقل والقرآن، والاستثناء في هذا المكان ليس هو من الجملة لكنه استثناء منقطع، ومعناه قل لا أسألكم عليه أجرا لكني ألزمكم المودة في القربى وأسألكموها، فيكون قوله:
* (قل لا أسألكم عليه أجرا) * كلاما تاما، قد استوفى معناه، ويكون قوله:
* (إلا المودة في القربى) * كلاما مبتدأ، فائدته لكن المودة في القربى سألتكموها، وهذا كقوله: * (فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس) *. (2) والمعنى فيه لكن إبليس، وليس باستثناء من جملة. (3) وعلى ضوء ذلك يظهر معنى قوله سبحانه: * (ما سألتكم من أجر فهو لكم) *. (4) وقد تبين أن حب الأولياء والصالحين لصالح المحب قبل أن يكون لصالحهم.
كما تبين معنى قوله سبحانه في شأن ذلك الأجر: * (ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا) *. (5)