مفاهيم القرآن (العدل والإمامة) - الشيخ جعفر السبحاني - ج ١٠ - الصفحة ٢٧٠
السؤال الثالث إن سورة الشورى سورة مكية، فلو كان المراد من ذوي القربى هو عترته الطاهرة، أعني: عليا وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فلم يكن يومذاك بعض هؤلاء كالحسن والحسين عليهما السلام؟
والجواب: إن الميزان في تمييز المكي عن المدني، أمران، وكلاهما يدلان على أن الآية نزلت في المدينة المنورة.
الأمر الأول: دراسة مضمون الآيات فقد كانت مكافحة الوثنية والدعوة إلى التوحيد والمعاد هي مهمة النبي قبل الهجرة، ولم يكن المجتمع المكي مؤهلا لبيان الأحكام والفروع أو مجادلة أهل الكتاب من اليهود والنصارى، ولذلك تدور أغلب الآيات المكية حول المعارف والعقائد والعبرة بقصص الماضين، وما يقرب من ذلك.
ولما استتب له الأمر في المدينة المنورة واعتنق أغلب سكانها الإسلام حينها سنحت الفرصة لنشر الإسلام وتعاليمه ولمناظرة اليهود والنصارى حيث كانوا يثيرون شبها ويجادلون النبي صلى الله عليه وآله وسلم فنزلت آيات حول اليهود والنصارى في السور الطوال.
فلو كان هذا هو الميزان بغية تميز المكي عن المدني، فالآية مدنية قطعا دون ريب لعدم وجود أية مناسبة لسؤال الأجر أو طلب مودة القربى من أناس لم يؤمنوا به بل حشدوا قواهم لقتله، بخلاف البيئة الثانية فقد كانت تقتضي ذلك حيث التف حوله رجال من الأوس والخزرج وطوائف كثيرة من الجزيرة العربية.
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»