مفاهيم القرآن (العدل والإمامة) - الشيخ جعفر السبحاني - ج ١٠ - الصفحة ٢٦٣
الثاني: ما يشعر بأنه طلب منهم أجرا يرجع نفعه إليهم دون النبي صلى الله عليه وآله وسلم: فيقول سبحانه: * (قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله وهو على كل شئ شهيد) *. (1) الثالث: ما يعرف أجره، بقوله: * (قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا) *. (2) فكان اتخاذ السبيل إلى الله هو أجر الرسالة.
الرابع: ما يجعل مودة القربى أجرا للرسالة، ويقول: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) *.
فهذه العناوين الأربعة لا بد أن ترجع إلى معنى واحد، وهذا هو الذي نحاول أن نسلط عليه الأضواء.
الجواب: إن لفظة الأجر يطلق على الأجر الدنيوي والأخروي غير أن المنفي في تلك الآيات بقرينة نفي طلبه عن الناس هو الأجر الدنيوي على الإطلاق، ولذلك لم ينقل التاريخ أبدا أن يطلب نبي لدعوته شيئا بل نقل خلافه.
هذه هي قريش تقدمت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي طليعتهم أبو الوليد، فتقدم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال: يا بن أخي إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر، مالا، جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت تريد به شرفا سودناك علينا، حتى لا نقطع أمرا دونك، وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه لا تستطيع رده عن نفسك، طلبنا لك الطب، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه، أو كما قال له

(١) سبأ: ٤٧.
(٢) الفرقان: ٥٧.
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»