حتى إذا فرغ عتبة، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يستمع منه، قال: أقد فرغت يا أبا الوليد؟ قال: نعم، قال: فاسمع مني قال: أفعل، فقال: * (بسم الله الرحمن الرحيم * حم * تنزيل من الرحمن الرحيم * كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون * بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون * وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه) *. (1) ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيها يقرؤها عليه. فلما سمعها منه عتبة، أنصت لها، وألقى يديه خلف ظهره معتمدا عليها يسمع منه، ثم انتهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى السجدة منها، فسجد ثم قال:
قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت، فأنت وذاك. (2) هذا النص وغيره يعرب عن أن مدار الإثبات والنفي هو الأجر الدنيوي بعامة صوره، وهذا أمر منفي جدا لا يليق لنبي أن يطلبه من الناس.
قال الشيخ المفيد: إن أجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في التقرب إلى الله تعالى هو الثواب الدائم، وهو مستحق على الله تعالى في عدله وجوده وكرمه، وليس المستحق على الأعمال يتعلق بالعباد، لأن العمل يجب أن يكون لله تعالى خالصا، وما كان لله فالأجر فيه على الله تعالى دون غيره. (3) إذا عرفت ذلك، فنقول:
إن مودة ذي القربى وإن تجلت بصورة الأجر حيث استثنيت من نفي الأجر، لكنه أجر صوري وليس أجرا واقعيا، فالأجر الواقعي عبارة عما إذا عاد نفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولكنه في المقام يرجع إلى المحب قبل رجوعه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك لأن مودة ذي القربى تجر المحب إلى أن ينهج سبيلهم في الحياة، ويجعلهم أسوة في