رفرفي يا ملائكة الرحمن بأجنحتك الخفية على هذه الأجسام المتعبة وحلقي بنفوسها إلى سماء القدس واستقري بها في رياض السندس.
حلقي بها إلى حيث الأزل والنعيم فإنها حرية بالنعيم والخلود...
فيا وادي السلام. كم ضممت بين جوانحك أرواحا صغيرة، ففي حفرك المظلمة توسد التراب رجال أعزة أذلة، فأولئك أعزة بأعمالهم الصالحات... أعمال تركوها غزرا ناصعة على جبين الدهر وهؤلاء هم للخلود ولهم حميد الذكرى، إذا المرء بأعماله وبما خلف، وهؤلاء أذلة بمقترفاتهم الصالحات مقترفات رانت على أفئدتهم وما لهم إلا سوء المنقلب!
في اضمار حفرك سكن الأجداد والأباء وركنوا إلى عالم الهدوء والسكون حيث لا عراك ولا ملاحات.
فيك أيها القبر الفتي المجدود والفقير الكدور المحروب فلا القصر الشامخ المتطاول ولا الكوخ الحقير المتواضع وإنما هي ضراعة القبر.
أيها الوادي إنما أنت شبح ماثل للعظة والعبرة، ورسم قائم للحزن والخشوع، تعلو الصيحة من جنباتك والصراخ يسمع من كل ناحية منك، فتلك تندب شجوا ولدها في ميعة الصبا اخترمه الموت فذوي غصنة الرطيب وكانت ترتجيه يجلو لها حلكة الدنيا بجبينه الوضي..
وأخرى تنحب أخا كانت تأمله الساعد القوي في كشف ضراء الدنيا فهي ترسل الدموع مدرارا من ذوب القلب فتسقط على تراب قبره