الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها) * (1) وقال: * (أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل) * (2)..
فإن الفرق بين السؤالين هو الفرق بين الاجتهادين اللذين عند الشيعة وعند أهل السنة، فإن الأول مخصوص باستكشاف الحكم الشرعي الثابت واقعا، وتطبيقه على الموارد والدرجات المختلفة، بموازين منضبطة دقيقة، والثاني يشمل ذلك ويعم إنشاء أحكام جديدة تتميما لما يدعى من نقص الشريعة! نظير تتميم القوانين الدستورية بالتبصرة القانونية في القوانين الوضعية.
فالاجتهاد الأول هو تمسك بالعموم المشرع الوارد، والسؤال الممدوح هذا مورده، وهو فهم ما ورد، ومعرفة العمومات والأدلة المشرعة.
والاجتهاد الثاني هو الاجتهاد الابتداعي، والسؤال المذموم منطقته هو إنشاء الأحكام الجديدة وضمها إلى أحكام الشريعة، أو السؤال والمطالبة بإنشائها.
والمنطقة الأولى هي كانت سيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالتسليم والاتباع لربه، والمنطقة الثانية لم يكن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يتكلفها كما في قوله تعالى: * (وما أنا من المتكلفين) * (3)، فالمنطقة الثانية والنمط الثاني كان ديدن اليهود، والنمط الأول هو ديدن الأنبياء بالوحي القطعي والرسالة والملة الحنيفية