ومن هذا الباب أكثر ما يخاطب به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويعاتب في لحن الخطاب، فإنه بالتتبع في تلك الموارد والتدبر مليا يظهر أن الفعل الذي كان مورد الخطاب هو من فعل المسلمين خوطب به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإلى هذا يشير قول الإمام الصادق (عليه السلام): " إن القرآن نزل بإياك أعني واسمعي يا جارة " (1)..
كما هو الحال في أسارى بدر، فإن اللازم كان على المسلمين هو الإثخان في القتل ما دامت المعركة محتدمة، وعدم استبقاء المشركين أحياء ما دامت الحرب لم تضع أوزارها، فكان في أخذهم الأسارى أثناء المعركة خلاف الحكم والإرادة الإلهية..
وكما هو الحال في مسألة الله تعالى النبي عيسى (عليه السلام): * (وإذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول... وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم) * (2).
الثاني: إن حسنات الأبرار سيئات المقربين، أي إنه كلما قرب الشخص من القدس الإلهي كلما كان الحساب معه والتوقع منه أكثر في مجال كمال الأفعال، كما هو الحال في الموالي في العرف البشري، فإن الملك يتوقع من الوزير مستوى من الاحترام والأدب والكون رهن الإشارة ما لا يتوقعه من سائر الرعية، بل إن في طبقات الوزراء اختلاف في المكانة والحظوة لدى الملك، وبالتالي اختلاف في ما يتوقعه وينتظره الملك منهم في مجال التقيد بأقصى مكارم الآداب معه.