مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٩ - الصفحة ١١٤
اللاتي تركتهن: فوددت أني يوم أتيت بالأشعث بن قيس أسيرا كنت ضربت عنقه، فإنه يخيل إلي أنه لا يرى شرا إلا أعان عليه... " (1).
نعم، زوج أبو بكر الأشعث أخته وأشركه في المهام، وراح يقرب بني أمية الطلقاء، ويولي أولاد أبي سفيان الطليق الولايات، وقد أبقى الأموال بيد أبي سفيان يصرفها كيفما يريد، كل ذلك حفاظا على النظام القبلي والزعامات القرشية وغيرها التي تخدم الحكومة في تثبيت قواعدها.
إن سياسة الشيخين كانت تبتني على عدم الاستفادة من المال لأنفسهما ولأولادهما، وقد صرح الإمام علي (عليه السلام) بذلك - وهو يبين الفرق بين عثمان والشيخين - حين قال لعثمان: " أما التسوية بينك وبينهما، فلست كأحدهما، إنهما وليا هذا الأمر فظلفا (2) أنفسهما وأهلهما عنه، وعمت فيه وقومك عوم السابح في اللجة... " (3).
هذا، وإن عثمان كان قد اعترف بهذه الحقيقة بقوله: " إن أبا بكر وعمر كانا يحتسبان في منع قرابتهما، وأنا أحتسب في إعطاء قرابتي " (4) وكذلك الأمر في الولايات..
لكن ما اشترك فيه الجميع هو تقريب الذوات وأصحاب الرئاسات، بل استغلال حتى بعض أمهات المؤمنين وذوي النفوذ من الصحابة في هذا الشأن، كل ذلك من أجل الوصول إلى الهدف، معرضين عن وجود عيون الصحابة وكبار الأتقياء الصالحين للقيادات، ليس ذلك إلا لعدم تمتعهم

(١) تاريخ الطبري ٤ / ٥٢.
(٢) أي: كفا.
(٣) شرح نهج البلاغة ٩ / ١٥.
(٤) أنساب الأشراف ٦ / ١٣٧، وانظر مؤدى ذلك في: الطبقات الكبرى ٣ / ٤٧، تاريخ الطبري ٢ / ٦٥٠، شرح نهج البلاغة ٢ / ١٣٨، تاريخ ابن خلدون ٢ / 567.
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»
الفهرست