الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما) * (1).. فإنه قيد المغفرة والأجر بمن آمن قلبا منهم وعمل صالحا، بل إن لفظة " منهم " دالة على التبعيض، وإن ليس كل الذين معه (صلى الله عليه وآله وسلم) لهم وعد بالحسنى، بل خصوص من اتصف بالقيد منهم، فالتقييد والتبعيض احتراز عن إيهام العموم الوارد في صدر الآية.
ويشير إلى مثل هذا القيد في مدح المهاجر والأنصاري، قوله تعالى:
* (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا * ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما) * (2).. فقد دلت الآية على اشتراط عدم التبديل في المؤمنين كي ينالوا الأجر، وأن الوفاء وعدم التبديل شرط في وصف المؤمنين بالصدق وأنهم صادقون.
وقد اشتهر عند الصحابة أنهم إذا أرادوا أن يقدحوا في واحد منهم أن يقولوا: إنه بدل، كما هو دائر على ألسنتهم في الفتن التي وقعت بينهم.
ب - وهناك قيد آخر ذكرته الآيات كشرط في المديح، وهو اتصافهم بأنهم رحماء بينهم أشداء على الكفار، أي اللين والرأفة فيما بينهم والشجاعة والشدة أمام الكفار، كقوله تعالى: * (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم) * في سورة الفتح..
وقوله تعالى: * (ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون