أكثر من واحد من أنواع العلوم، ففرغ أكثرهم لجمع الحديث بشكل عام، وروايته، وتخصص بعضهم بأحاديث السنن والأحكام التي هي موضع اهتمام الفقهاء بالدرجة الأولى، فيما انصبت عناية آخرين على ما يتصل بالسيرة النبوية بشكل عام، وبالمغازي منها بشكل خاص، فظهرت في هذه المرحلة كتب المغازي والسيرة على مستوى واسع..
فكتب عروة بن الزبير - المتوفى سنة 93 ه - كتابه المغازي.
وأبو فضالة عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري - المتوفى سنة 97 ه - كتب كتابا صغيرا في المغازي.
وأبان بن عثمان بن عفان - المتوفى سنة 105 ه - كتب أيضا في السيرة والمغازي.
وعاصم بن عمرو بن قتادة الأنصاري، المتوفى سنة 120 ه.
وشرحبيل بن سعد، المتوفى سنة 123 ه.
ثم ابن شهاب الزهري - المتوفى سنة 124 ه - صاحب كتاب المغازي، وهو أكثر الكتب المتقدمة أثرا، وقد حفظت أجزاء كثيرة منه في المصنف لعبد الرزاق الصنعاني.
وقد اتسمت هذه الكتب جميعا بسمة كتب الحديث، إذ اقتصرت على إيراد الروايات الخاصة بموضوعها - السيرة والمغازي - بأسانيدها الكاملة.
ومن طبيعة هذه الأعمال أن الحادثة الواحدة تأتي فيها مجزأة وغير منتظمة، إذ إنها كانت غالبا مؤلفة من عدة روايات قصار تتحدث الواحدة منها عن قطعة صغيرة أو جزئية من الحدث، لتأتي أخرى بقطعة ثانية ربما لا تكون موصولة بالأولى.