مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٤ - الصفحة ٣٥٨
جهدا، ولا يدخرون وسعا لتحريف وتزوير كلام وأحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأغراض دنيوية، ومنافع فردية.
كما إن منع كتابة أحاديث الرسول قرابة قرن ونصف، ثم اندفاع العالم الإسلامي فجأة على كتابتها، أوجد أرضية ملائمة لهؤلاء إلى بث سمومهم في جسد الأمة الإسلامية عن طريق الوضع والكذب والدس، وفسح المجال للأحبار والرهبان للتحدث عن خرافات وبدع وأساطير لا يصدق بها إلا السذج من الناس.
إن من يراجع تاريخ البعثة النبوية، ويدقق النظر في حياة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وسيرته منذ بعثته إلى وفاته، والتي كانت مليئة بالجهاد والغزوات والحروب، وعقد المواثيق مع القبائل ورؤساء البلاد، إضافة إلى الدعوة للإسلام، وتبليغ الأحكام الشرعية، والقيام بأعباء الرسالة، يقف على أن الزمن الذي عاشه النبي (صلى الله عليه وآله) وتحدث فيه هو أقل بكثير من أن يسعه للتحدث بهذه الأراجيف والأباطيل، بل لا يبلغ لبيان معشارها.
وقد أدركت كل المذاهب والفرق الإسلامية هذه الحقيقة المرة، ألا وهي الكذب والدس والوضع على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فشمر علماؤهم عن ساعد الجد والعمل لتصحيح ما ارتكبته الأيدي الأثيمة، وتنقية أحاديث الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) من شوائب الوضع والدس والكذب من بين آلاف، بل عشرات الآلاف من الأحاديث.
إن أصحاب الصحاح والسنن - وهي الكتب المعتبرة عند أبناء العامة - صرحوا بأنهم انتقوا أحاديثهم من بين آلاف الأحاديث الموجودة.
فهذا صحيح البخاري يحتوي على ألفين وسبعمائة وواحد وستين
(٣٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 351 352 353 355 357 358 359 360 361 362 363 ... » »»
الفهرست