غيرها (1).
أضف إلى ذلك أن خلو الجزيرة من حكومة مركزية مستقلة جعلتهم يعيشون حياة الفوضى وتحكيم القوانين القبلية ومنطق القوة وما تواضعوا عليه من أعراف وتشريعات بدائية، غير منكرين وجود حالات أخلاقية ومواضعات عرفية سليمة كإكرام الضيف، والنجدة، والإقدام، والدفاع عن المظلوم المتجلي في حلف الفضول بأوضح صورة، لكن مجمل وضع الجزيرة كان هو عدم المركزية، وتحكيم المفاهيم والقوانين الجاهلية.
فالأعراف القبلية كانت الحاكمة في حياتهم لا التعاليم الدينية الصحيحة، ولو لحظنا المجتمع آنذاك واعتقاداته لرأيناها متقسمة بين اليهودية والنصرانية المحرفتين، وبين عبادة الأصنام، وسائر ضروب الاعتقادات المغلوطة، اللهم إلا القلة القليلة التي وصلتها بقايا دين الحنفية.
فنتج من هذا الخليط الفكري والثقافي أن نرى الغالبية الساحقة من سكان الجزيرة أميين لا يقرؤون ولا يكتبون، إذ لم يدعوا أبناءهم لتعلم العلم والكتابة، وإن كانوا يعلمون بشرفهما، حتى أنهم اعتبروا الرجل الكامل في الجاهلية من يعرف الكتابة ويحسن العوم والرمي (2)، وجاء وصفهم في الكتاب العزيز بقوله تعالى: * (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم) * (3)، وقوله تعالى: * (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون) * (4)، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " إنا أمة أمية