الأول قبل الميلاد (1)، وقد كانت لهذه الدولة كتابة ذات ألفباء عرفت بألفباء المسند (2).
ومن الدول التي حكمت جنوب شبه الجزيرة الدولة السبئية والحميرية، فكانت هذه الدول على جانب عظيم من الرقي الصناعي والزراعي والعمراني والثقافي، وقد كانت كتاباتهم على الطريقة الحلزونية Boustro Phedon أي أنها تبدأ من اليمين إلى الشمال، فإذا انتهى الكاتب من السطر الأول وأراد كتابة السطر الثاني كتب من الشمال إلى اليمين، وهكذا دواليك، وقد عثر على طائفة من الكتابات الحلزونية المنقوشة على الحجارة والطين أو الجص، وهي ما تزال موضع دراسة العلماء الأخصائيين، وأشهر مآثرهم (سد مأرب) الدال على براعتهم بعلم الهندسة وتنظيم الري وحسن الاستفادة من مياه الأمطار (3).
وأما حضارة وادي النيل، فهي الأخرى من أقدم وأعرق الحضارات المجاورة لشبه الجزيرة العربية، وقد استقرت هذه الحضارة في وادي النيل من أواسط الألف الخامس قبل الميلاد، وكانت على جانب عظيم من الرقي والتحضر في العلم والعمران والزراعة، وقد بقي من مآثرهم العمرانية الأهرامات وأبو الهول وغيره، وهي حضارة غنية عن التعريف.
كان هذا استعراضا إجماليا للحضارات القديمة التي أحاطت شبه الجزيرة العربية، جئنا به للتمييز بين الوضع داخل الجزيرة وخارجها، إذ الثابت جغرافيا أن أرض الجزيرة أرض صحراوية قاحلة ليس فيها ماء ولا