عشر قرنا بأمر من أمير آشوري، وحفظت في دار خاصة بها كما تحفظ المكاتب اليوم، وعثر المنقبون بالأمس على بقايا هذه المكتبة بين النهرين ونقلوها إلى المتحف البريطاني في لندن (1)، فهي هناك إلى هذه اللحظة..
وأما حضارة بلاد الشام، فكانت هي الأخرى عريقة ترجع إلى ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد، فمما أسسته الدولة الفينيقية في القرن الخامس والعشرين ق. م مدينة جبيل، كما بنت مدينة بيروت (بيريت) في القرن الثاني والعشرين ق. م.
قال الدكتور محمد أسعد طلس في معرض حديثه عن الدولة الفينيقية: وكانت بلادهم ممتدة ومملكتهم على جانب عظيم من المعرفة والتفوق في العلوم والآداب والصناعة، أما العلوم والآداب فقد ضربوا فيها بسهم عظيم ووضعوا الحروف الهجائية واختصروها إلى اثنين وعشرين حرفا بعد أن كانت عند البابليين والمصريين تعد بالمئات...
إلى أن يقول: وقد عرف هؤلاء بفنون التجارة البحرية والحدادة والنجارة وبخاصة نجارة السفن والأساطيل، وإنهم كانوا يهتدون في أسفارهم بالنجوم والكواكب لبراعتهم في علمي الفلك والنجوم (2).
وأما حضارة جنوب شبه الجزيرة، فتتمثل بحضارة الدولة المعينية في اليمن، التي ذهب البروفسور أدوارد كلاسر Glasser إلى أنها كانت في الألف الثالث قبل الميلاد، وذهب جوزيف هاليفي Halevy ومولر Muller وشبرنجر Sprenger إلى أنها كانت في أواخر الألف الثاني وأوائل الألف