وحديثه يعد موصولا بلا خلاف بينهم، كحديث التنوخي رسول هرقل، الذي أخرج حديثه أحمد وأبو يعلى في مسنديهما وساقاه مساق الأحاديث المسندة (1).
ومن هنا وجد فقهاء وأصوليو العامة مجالا للطعن بالتعريف المشهور للمرسل عند عامة محدثيهم تقريبا، واختاروا معناه العام، ولكن من جهة المرسل لا المرسل عنه! وهذا يعني سريان الإيراد الثاني على تعريفهم للمرسل أيضا.
فقد عرفه ابن حزم بقوله: " المرسل من الحديث، هو الذي سقط بين أحد رواته وبين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ناقل واحد فصاعدا، وهو المنقطع أيضا " (2).
وقال الشوكاني: " وأما جمهور أهل الأصول فقالوا: المرسل قول من لم يلق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، سواء كان من التابعين، أو من تابعي التابعين، أو ممن بعدهم " (3).
وقال عبد العزيز البخاري الحنفي: " سمي [المرسل] مرسلا لعدم تقييده بذكر الواسطة التي بين الراوي والمروي عنه " (4).
وغير خفي بأن التعريفات السابقة للمرسل لا تشمل المرسل الخفي، وهو نوع من أنواع الحديث، لا يكشفه إلا الحاذق في هذا الفن لصعوبته وخفائه كما هو واضح من اسمه، ويراد به: أن يروي الراوي حديثا عن آخر لم يلتق به إطلاقا ولكنه عاصره، أو أنه التقى به ولكنه لم يسمع منه شيئا