وصحة ما يخبر به عن عيسى وخلقته، إذ العاقل ما لم يكن جازما بصدق دعواه لا يعرض أعزته إلى الهلاك والاستئصال.
وهذا الوجه مختار أكثر أهل السنة والشيعة، وهو الذي ارتضاه عبد الله المشهدي في إظهار الحق، فدلت الآية على كون هؤلاء الأشخاص أعزة على رسول الله، والأنبياء مبرأون عن الحب والبغض النفسانيين، فليس ذلك إلا لدينهم وتقواهم وصلاحهم، فبطل مذهب النواصب القائلين بخلاف ذلك.
وإما لكي يشاركونه في الدعاء على كفار نجران، ويعينونه بالتأمين على دعائه عليهم فيستجاب بسرعة، كما يقول أكثر الشيعة وذكره عبد الله المشهدي أيضا، فتدل الآية - بناء عليه كذلك - على علو مرتبتهم في الدين وثبوت استجابة دعائهم عند الله.
وفي هذا أيضا رد على النواصب.
وقد قدح النواصب في كلا الوجهين وقالوا بأن إخراجهم لم يكن لشئ منهما، وإنما كان لإلزام الخصم بما هو مسلم الثبوت عنده، إذ كان مسلما عند المخالفين - وهم الكفار - أن البهلة لا تعتبر إلا بحضور الأولاد والختن والحلف على هلاكهم، فلذا أخرج النبي أولاده وصهره معه ليلزمهم بذلك.
وظاهر أن الأقارب والأولاد - كيفما كانوا - يكونون أعزة على الإنسان في اعتقاد الناس وإن لم يكونوا كذلك عند الإنسان نفسه، على ذلك أنه لو كان هذا النوع من المباهلة حقا عنده صلى الله عليه (وآله) وسلم لكان سائغا في الشريعة، والحال أنه ممنوع فيها. فظهر أن ما صنعه إنما كان إسكاتا للخصم.