مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٣ - الصفحة ٧٥
أن معظمها لا تتصف بالتعارض بمعنى التنافي بين دليلين على نحو التدافع، كما لو كان الحكم في أحدهما ينص على حلية شئ، والآخر على حرمته.
ولا على نحو التناقض - في معظمها - كما لو دل دليل على الأمر بفعل شئ، ودل الآخر على النهي عن ذلك الشئ نفسه، مع تعذر معرفة المتأخر من الدليلين - مثلا - حتى يعد ناسخا لما قبله.
وقد تبين أن هذا النوع من التعارض لا يمكن حصوله قطعا في مسألة الإمام المهدي عليه السلام، لأن دليلها دليل قطعي، وهو الأحاديث الكثيرة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأهل بيته عليهم السلام، والتعارض لا يحصل بين دليلين قطعيين، لأن حصوله يعني القطع بحصول التنافي في كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو كما ترى!
وأما ما حصل من تعارض سواء كان مستقرا أو بدويا فهو لا يمت بصلة إلى أصل المسألة، وإنما ارتبط بتفاصيلها في معظمه، إلا ما كان من حديث (ولا مهدي إلا عيسى بن مريم) وقد تقدم ما فيه.
على أنه قد تبين أيضا أن اختلاف وتعارض بعض تفاصيل هذه المسألة أمكن إزالتها بسهولة، وذلك بإرجاع بعض الأحاديث إلى بعض، كإرجاع عامها إلى خاصها، ومطلقها إلى مقيدها، أو الجمع بين مدلولاتها على معنى واحد لا اختلاف أو تعارض فيه.
كما بين البحث أن كثيرا من تلك الأحاديث التي يظن فيها التعارض للصحيح الثابت، لم يتوفر فيها شرط التعارض وهو التعادل، كتعادلها مثلا في الشهرة وعدالة الرواة ونحوهما، بما لم نجد في جميع تلك الأحاديث حديثا واحدا قد تعادل مع مثبتات وجود الإمام المهدي عليه السلام، وظهوره في آخر الزمان في كل شئ، وعجز العلماء عن إيجاد مزية لأحدهما على الآخر، وفقدت الصفات المرجحة لأحدهما تماما.
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست