ظهوره، ومدة حكمه، واسم أبيه، لم يصدر كله عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، شأنه بذلك كشأن اختلاف المسلمين في أمور لا مجال لإنكارها، بل يعد منكرها كافرا بالاتفاق، هذا مع اختلافهم في تفاصيلها.
والحق أن اختلاف المسلمين في بعض تفاصيل مسائل العقائد والأحكام واتفاقهم على أصولها لا يبرر للعاقل بقاءهم على هذه الحال، ففي فرقتهم إذلالهم واستعبادهم، وفي وحدتهم عزتهم وكرامتهم.
ومن هذا المنطلق فإن بحث أو إثارة ومناقشة بعض تلك التفاصيل - كتفاصيل قضية المهدي المتفق على أصلها - في جو من الإخاء الإسلامي، وبروح علمية، لا يسودها أي نوع من التعصب، لا ينكره إلا من يرغب ببقاء ما عند الطرف الآخر غامضا مبهما، أما مع فهم وتحليل تلك التفاصيل ومناقشتها نقاشا علميا هادئا، فهو لا شك من الحكمة التي أمرنا بأخذها من أي طريق كان، والمؤمن حقا من تكون الحكمة ضالته.
ولهذا سيكون البحث منصبا على بيان حقيقة هذا الاختلاف في اسم أب المهدي هل هو (عبد الله) أم (الحسن)، لنرى مقدار صحة أي منها، ودرجة ثبوته، وقوة معارضته للآخر. ونبدأ أولا بالاسم الأول: (عبد الله)، فنقول:
هناك عدة أحاديث مختلفة الألفاظ متحدة المعنى في تحديد اسم أب المهدي، ألا وهو (عبد الله) كاسم أب النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ونود الإشارة قبل بيان تلك الأحاديث إلى جملة من الأمور وهي:
1 - إن بعضا من تلك الأحاديث أخرجها الفريقان (الشيعة وأهل السنة) في كتبهم.
هذا، مع اعتقاد الشيعة الإمامية - كما تقدم - بخلاف ذلك، لأن تلك الأحاديث مخالفة لأصول مذهبهم، فكانت روايتها من أعظم الأدلة على