وجوز أبو العباس شهاب الدين الفيومي في خاتمة (المصباح المنير) (116): أن يكون (أفعل) بمعنى اسم الفاعل، فينفرد بذلك الوصف من غير مشارك فيه.
قال ابن الدهان: ويجوز استعمال (أفعل) عاريا عن اللام والإضافة و (من)، مجردا عن معنى التفضيل، مؤولا باسم الفاعل أو الصفة المشبهة، قياسا عند المبرد سماعا عند غيره، قال:
قبحتم يا آل زيد نفرا * ألام قوم أصغرا وأكبرا أي: صغيرا وكبيرا.
ومنه قولهم: نصيب أشعر الحبشة، أي: شاعرهم، إذ لا شاعر فيهم غيره، ومنه - عند جماعة - قوله تعالى: * (وهو أهون عليه) * أي: هين، وزيد الأحسن والأفضل، أي: الحسن والفاضل، ويقال لأخوين مثلا: زيد الأصغر وعمرو الأكبر، أي: الصغير والكبير، وعلى هذا المعنى (يوسف أحسن إخوته) أي: حسنهم. انتهى.
وقد تبين من جميع ما مر أن (أفعل) هنا ليست للتفضيل، وأن الآيات عامة في الأتقياء والأشقياء، غير مختصة بأبي بكر وأمية بن خلف أو أبي سفيان بن حرب - كما زعموا -.
وظهر أيضا الجواب عن قول السيوطي: بأن من جنح من أهل العربية إلى أنها - يعني صيغة (أفعل) هنا - للعموم احتاج إلى تأويل (الأتقى) بالتقي، وهذا مجاز قطعا، وهو خلاف الأصل، فلا يصار إليه إلا بدليل ولا دليل يساعده، بل الدليل يعارضه، وهو الأحاديث الواردة في سبب النزول وإجماع المفسرين. انتهى.