بيد أن ما سلف من المصادرة المعلنة للحق الشرعي المختص بأهل بيت النبوة عليهم السلام والثابت بالدليلين العقلي والنقلي، والمحاولات الخبيثة المقصودة بإقصاء أصحابه عن ساحة الأحداث الفكرية والعقائدية، ودفعهم إلى زوايا الظل والعتمة، والعمل المدبر على استحداث البديل وطرحه مدعوما بالترغيب والترهيب قبالة تلك العقيدة التي قدر لها ورغم حدود الأسر التي طوقت بها أن تمتد وتنفذ بعيدا في الكيان الإسلامي الواسع البنيان تأليفا وتصنيفا، وبشكل قل نظيره لدى غيرها من الطوائف والفرق الأخرى.
نعم، كل ذلك كان له كبير الأثر في حجب الجم الوفير من النتاجات المتنوعة لعلماء هذه الطائفة المغلوبة على أمرها، وإبقائها - على كثرتها - رهينة القيود المفروضة عليها، وعلى نشرها، فخفي على البعض أن يكون لهذه الطائفة مثل هذه الآثار التي يجد بصماتها وآثارها واضحة جلية على صفحات كتب التأريخ وتراجم السير.
أجل، ولعل المرء ينتابه الاستغراب، ويعتريه الاستهجان وهو يطالع بين دفات هذه الكتب عن مؤلفات جمة لأعلام الشيعة الإمامية - تواضع أمام ما تزخر به من علوم باهرة، مفكرو الطوائف الإسلامية، وأقروا مذعنين بمتانتها وقوة أدلتها - لا وجود لها في رفوف المكتبة الإسلامية التي تسرب إليها - وذلك مما يؤسف له - ما لا يمت إلى الفكر الإسلامي بصلة، ولا يستند إلى حقيقته بدليل، حين يزداد هذا الاستغراب والاستهجان مع ما يعاينه من الجهل المطبق لدى البعض بوجود هذه المصنفات وانتسابها إلى مصنفونا.