قال: ولو كان عنده شئ لصاح به (44).
وبالجملة: فإن اشتهار الرجل بالتدليس قد بلغ الغاية، وكأنه خلق لذلك ويسر له (وكل ميسر لما خلق له).
لكن ما أصلف وجوه القوم إذ لم يفتروا عن نعته بأمير المؤمنين في الحديث (45) وهم يعترفون بصنيعه الشنيع ويحكون عنه قوله: لو أردنا أن نحدثكم بالحديث كما سمعناه ما حدثناكم بحديث واحد (46)!
ليس تعمى العيون لكنما تعمى * القلوب التي انطوت في الصدور على أن سفيان عنعن في حديثه ولم يذكر سماعا، والمدلس لا يقبل من حديثه إلا ما صرح فيه بالسماع.
هذا، وقد رواه عنه وكيع (47) وأبو حذيفة النهدي البصري (48).
* أما وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي فقد اشتهر عنه شرب النبيذ وملازمته له - كما حكاه الذهبي في الميزان والتذكرة (49) -.
وروى الخطيب في " تاريخ بغداد " (50) بإسناده عن نعيم بن حماد، قال:
تعشينا عند وكيع - أو قال: تغدينا - فقال: أي شئ أجيئكم به؟ نبيذ الشيوخ أو نبيذ الفتيان؟ قال: قلت: تتكلم بهذا؟! قال: هو عندي أحل من ماء الفرات.
وفي " تهذيب التهذيب " (51): قال يعقوب بن سفيان: سئل أحمد إذا اختلف وكيع وعبد الرحمن، بقول من نأخذ؟ فقال: عبد الرحمن موافق ويسلم