وقد تصدى بعض النحاة لرد هذه الدعوى، وأثبتوا بأدلة تجاوزت العشرة دلالة (كان) على الحدث، وأورد بعضا من هذه الأدلة الشيخ محمد الأمير في حاشيته على المغني (22).
وقال الزجاجي (ت 337 ه): (الفعل ما دل على حدث وزمان ماض أو مستقبل.. والحدث: المصدر، فكل شئ دل على ما ذكرناه معا فهو فعل، فإن دل على حدث وحده فهو مصدر، نحو: الضرب والحمد والقتل، وإن دل على زمان فقط، فهو ظرف زمان) (23).
ويلاحظ فيه:
أولا: تعبيره بكلمة (حدث) بدلا من (معنى)، التفاتا منه إلى أن المعنى يشمل الحدث وغيره كالذوات.
ثانيا: أنه لم يشر إلى دلالة الفعل على الزمن الحاضر، ومرد ذلك إلى عدم أخذه في تقسيم الزمن ما هو المعهود لدى العرف العام، بل عمد إلى الدقة العقلية، وانتهى إلى إنكار فعل الحال بقوله: (إنه في الحقيقة مستقبل، لأنه يكون أولا أولا، فكل جزء خرج منه إلى الوجود صار في حيز المضي، فلهذه العلة جاء فعل الحال بلفظ المستقبل نحو قولك:... يقوم غدا) (24).
ويلاحظ على كل من تعريفي ابن السراج والزجاجي:
أولا: أخذهما (ما) جنسا في الحد، وهي جنس بعيد.
ثانيا: أنهما قد يوهمان وضع الفعل للدلالة على شيئين مستقلين، مع أنه موضوع لمعنى واحد مركب هو الحدث المقترن بزمان معين.
ولتلافي هذين النقصين عمد الرماني (ت 384 ه) إلى تعريفه بأنه (كلمة