المسلك الثاني: تعريف الفعل ببيان حده وحقيقته.
قال سيبويه (ت 180 ه): (وأما الفعل فأمثلة أخذت من لفظ أحداث الأسماء وبنيت لما مضى، ولما يكون ولم يقع، وما هو كائن لم ينقطع..
والأحداث نحو: الضرب والحمد والقتل) (18).
وواضح أنه: أن (المراد بأحداث الأسماء ما كان فيها عبارة عن الحدث وهو المصدر) (19).
أي أن الأفعال أبنية أو صيغ مأخوذة من المصادر، فهي تدل بمادتها على المصدر أو الحدث، وبصيغتها على زمان وقوعه، من ماض أو حاضر أو مستقبل.
وعرفه ابن السراج (ت 316 ه) بقوله: (الفعل ما دل على معنى وزمان، وذلك الزمان إما ماض وإما حاضر وإما مستقبل، وقلنا: (وزمان) لنفرق بينه وبين الاسم الذي يدل على معنى فقط) (20) وأما إشارته إلى أن المراد بالزمن أقسامه الثلاثة، فالظاهر أنها لمجرد البيان، وسيأتي أن بعض النحاة عدوا ذلك قيدا احترازيا مما دل على حدث وزمان مبهم كالمصدر.
وقد أشكل أبو علي الفارسي على مثل هذا الحد، بأن من الأفعال ما هو عند النحويين دال على زمن غير مقترن بحدث، نحو (كان) المفتقرة إلى الاسم المنصوب [أي الناقصة]، وهو عندهم فعل، ومع ذلك فهو دال على الزمان المجرد من الحدث) (21).