مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٦ - الصفحة ٢٧٦
الحضارة الإسلامية في الجانب الثقافي.
وثانيا: إن الإجازات المتأخرة - وإن فقدت بعض عناصرها الأصلية - إلا أنها اعتمدت على احتواء الطرق المؤثرة في معرفة طبقات العلماء، ونسبة أسماء الكتب المؤثرة في الفهرسة، والتحقق من الأقوال والآراء المؤثرة في تاريخ العلوم، ومعرفة الاتفاق، أو الاجماع، أو الاختلاف أو الانفراد.
وأما أوضح آثار هذه الإجازات المتأخرة فهي الفوائد التاريخية التي تحتويها من تراجم العلماء ونشاطاتهم العلمية، وتخصصاتهم وانتماءاتهم، وأخبارهم، وما إلى ذلك مما يدخل في فرع الترجمة والبيوغرافية.
ثالثا: إن الإجازة - ولو بشكلها الصوري المتداول - هي الأوفق بالاحتياط، عندما يشترط في الفقيه أن تكون الرواية قد بلغته، ليصح أن يكون (راويا لها) لأن صدق اسم الراوي لا يتم إلا بعد (البلوغ والتحمل).
وبما أن الطرق كلها مفقودة، ولم يبق إلا (الوجادة) التي هي أضعف الطرق، مع أن (الوجادة) الفعلية أيضا فاقدة للعناصر المهمة اللازمة فيها، فيكون اللجوء إلى الإجازة - ولو الاسمية - أقرب إلى الاحتياط لتحقيق البلوغ، وصدق الاسم.
وهذا معنى ما يقال: إن فائدة الإجازة - في عصرنا - هو: الانسلاك والاندراج في سلسلة رواة الحديث.
وبهذا يمكن القول بأن الإجازة - ولو بصورتها الفعلية - أهم مما قد يتراءى من بعضهم، حيث عدوها عملية (تبرك وتيمن) فحسب!
لأن الفوائد التي عرضناها، هي التي جعلت العلماء الأعلام يهتمون بأمرها، ويصرفون أوقاتهم الغالية في تأليفها وجمعها وتنظيمها وإدراجها في أعمالهم وتصانيفهم.
وإذا أعطى أولئك الذين يستهينون بأمر الإجازة - ولو بشكلها المتأخر -
(٢٧٦)
مفاتيح البحث: التصديق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»
الفهرست