مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٥ - الصفحة ١٧
* حديث النهي لا يحتج به:
إن عمدة ما استدل به القائلون بأن السنة لم تدون في العصر الأول هو حديث أبي سعيد الخدري، الذي ذكره مسلم في صحيحه - دون البخاري - وافتتح به المؤلف الفصل الثاني - ص 37 - وظلت صورته عالقة بقلمه إلى آخر البحث، لا يصح الاحتجاج به لإثبات شئ، وهو ما يدور النص فيه بين أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيسمى (المرفوع) وهو حينئذ حجة، وبين أن يكون من كلام أبي سعيد نفسه، فيسمى (الموقوف) فلا يكون حجة! لأنه حينئذ يدخل كطرف في النزاع بين الصحابة المجوزين والمانعين، في أمر التدوين، فلا يشكل حجة على الطرف المعارض للمنع.
وتعليل الحديث - المسقط له عن الاحتجاج - بدورانه بين الوقف والرفع مذكور في مصطلح الحديث وفي الكتب الخاصة ب‍ (علل الحديث).
والمؤلف إبراهيم فوزي نفسه، واقف على الفرق بين مصطلحي (المرفوع) و (الموقوف) وقد أيد معارضة القول بأن (الموقوف الذي لا مجال للرأي فيه له حكم المرفوع) وأن ذلك ليس كلاما يوجب الاغترار به، كما في ص 176 هامش 6.
إذن، فلماذا يغتر هو بهذا الحديث، ويغرر قراءه، فيكرر الاستناد إليه، ولا يشير إلى هذه العلة القادحة في حجيته، لا من قريب ولا من بعيد؟!
ثم إن موقفه من رأي أهل البيت عليهم السلام وموقفهم من مسألة تدوين الحديث لا يخلو من تقصير، إذ لا نجد في كتابه إيعازا إلى ذلك، سوى ما رواه من خطبة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، أنه خطب مرة فقال: (أعزم على كل من كان عنده كتابة عن رسول الله، إلا رجع محاها، فإنما هلك الناس حيث اتبعوا أحاديث علمائهم وتركوا كتاب ربهم) ومصدره: سنن الدارمي
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»
الفهرست