مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٢ - الصفحة ٧٣
إن وجود أمور مشتركة - بين الأديان السماوية أمر لا يمكن إنكاره للباحثين والعلماء.
وأما نسبة تأثر التفكير في مذهب من مذهب آخر، فأمر يحتاج إلى دليل جازم، وليس مجرد وجود الفكرة عند المذهبين كافيا للحكم بالتأثير والتأثر.
فهل يحق لأحد أن يقول: إن المذهب السني الملتزم بالتكتف في الصلاة، مأخوذ من فعل المجوس مثلا، لأن المجوس يفعلون ذلك في عبادتهم أو أمام كبرائهم؟!
أو قولهم: " آمين " بعد سورة الحمد في الصلاة مأخوذ من النصارى واليهود، لأنهم يقولون ذلك؟!
أو يقول: إن التفكير السني متأثر بالدين اليهودي والمسيحي، لأن كثيرين من أصحاب هذه الديانتين من أهل الحضارات السابقة كالروم والأقباط قد انضووا تحت لواء التسنن، ليثأروا لأنفسهم من سلطة الدين الإسلامي، تحت ستار الغيرة للصحابة ولعثمان الخليفة المقتول؟!
وفي مقدمة هؤلاء كعب الأحبار اليهودي!
إن مثل هذه الأحكام الاعتباطية، لا تصدر ممن يعرض طرق النقد، ويتحاكم إلى الإنصاف، ويريد أن يبني على أسس العقل والمنطق، ويزن الأحاديث والنقول بموازين النقد العقلي!
فكيف يتقبل الكاتب مثل هذه الترهات، ويبني عليها في بحث يريد أن يكون " علميا ورصينا "؟!
ولو راجع واحدا من كتب الشيعة التي ألفت في موضوع " الغيبة " و " الرجعة " لعرف أن الشيعة لم يعتمدوا في التزامهم بذلك، لا على اليهود، ولا النصارى، ولا كعب الأحبار، ولا عبد الله بن سبأ.
وإنما استندوا فيها إلى أخبار وسنن وروايات، موصولة الأسانيد إلى الرسول وأهل البيت، ووافقهم على كثير منها أهل السنة أنفسهم.
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»
الفهرست