مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢٠ - الصفحة ١٨٩
سبحانه من تواب ما أسخاه وسبحانه من سخي ما انصره. فإذا كان اسم السخاء لا يوهم نقصا وقد ورد في الدعوات، فما المانع من إطلاقه عليه تعالى.
إن قلت: أن المانع أن أصل السخاوة راجع إلى اللين إلى آخره، كما ذكره صاحب العدة.
قلت: إن اللين هنا بمعنى الحلم لا بمعنى ضد الخشونة، وفي دعوات المصباح (172): ولنت في تجبرك (173)، أي: حلمت في عظمتك. وليس صفاته تعالى كصفات خلقه، لأن التواب من الناس: التائب، والصبور: كثير حبس النفس عن الجزع، وما في صفته تعالى كما مر في شرحهما، إلى غير ذلك من صفاته تعالى المخالفة لصفات خلقه (174).

(١٧٢) كتاب المصباح لأبي جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي، المعروف بشيخ الطائفة.
يروي عن الشيخ المفيد وغيره، يروي عنه ولده الشيخ حسن وغيره، له عدة مصنفات، منها: هذا الكتاب - مصباح المتهجد وسلاح المتعبد وهو من أجل الكتب في الأعمال والأدعية وقدوتها ذكر فيه ما يتكرر من الأدعية وما لا يتكرر وقدم قولا في أقسام العبادات وما يتوقف منها على شرط وما لا يتوقف وذكر في آخر أحكام الزكاة والأمر بالمعروف، توفي سنة (٤٦٠ ه‍) دفن في داره: التي كان يقطنها بوصية منه.
تنقيح المقال ٣: ١٠٤، أعيان الشيعة ٩: ١٥٩، الذريعة ٢١١: ١١٨.
(١٧٣) مصباح المتهجد: ٣٨٧.
(١٧٤) في هامش (ر): " مع إنا نقول: إن أصل السخاء راجع إلى الاتساع والسهولة، وأرض سخواء:
سهلة واسعة، ويسمى السخي سخيا لسهولة عطائه وسعته، فالله تعالى أحق باسم السخاء، لأنه وسع بعطائه المعطين وعم ببره المبرين. مع إنا لو سلمنا للشيخ ر حمه الله صحة الاشتقاق في الأسماء الحسنى، لوجب أن نترك كل اسم منها يحصل [في] اشتقاقه ما لا يناسب عنده، وهو باطل بالإجماع، وأظن أنه - رحمه الله - قلد القاضي عبد الجبار في شرحه الأسماء الحسنى في صحة الاشتقاق، لأنه منع في شرحه أن يوصف الله تعالى بالحنان، قال: لأنه يفيد معنى الحنين، وهو لا يجوز عليه سبحانه وتعالى، قلت:
فكلام عبد الجبار أيضا غير صحيح، لاشتقاق الحنان من غير الحنين، قال الجوهري في صحاحه: الحنان بالتخفيف: الرحمة، والحنان بالتشديد: ذو الرحمة. وقال الهروي في الغريبين في قوله تعالى: (وحنانا من لدنا [١٩: ١٣]) أي: رحمة، قال: والحنان من صفات الله بالتشديد: الرحيم، وبالتخفيف.
العطف والرحمة. وفي الحديث: أنه صلى الله عليه وآله مر على رجل يعذب، فقال: لأتخذنه حنانا، أي: لأتعطفن عليه ولأترحمن. ثم نرجع ونقول: على ما ذهب إليه صاحب العدة وعبد الجبار لا يجوز أن يسمى الله تعالى شاكرا، وقد ورد به في القرآن في قوله. (فإن الله شاكر عليم [٢: ١٥٨] لأن الشاكر في الأصل كما ذكره الإمام الطبرسي: هو المظهر للإنعام عليه، والله يتعالى عن أن يكون لأحد عليه نعمة، وإنما وصف سبحانه بأنه شاكر مجازا وتوسعا. قال الإمام الطبرسي رحمه الله: ومعنى أنه شاكر أي: مجاز عبده على طاعته بالثناء والثواب، وإنما ذكر لفظ الشاكر تلطفا لعباده ومظاهرة في الاحسان والإنعام عليهم، كما قال: (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا [٢: ٢٤٥]) والله تعالى لا يستقرض من عوز، لكنه ذكر هذا اللفظ على طريق اللطف، أي: يعامل عباده معاملة المستقرض، من حيث أن العبد ينفق من حال غناه فيأخذ أضعاف ذلك في حال فقره وحاجته، وكذلك لما كان يعامل عبده معاملة الشاكر [من حيث إنه] يوجب الثناء له والثواب سمى نفسه شاكرا. منه رحمه الله ".
أنظر: الصحاح ٥: ١٢٠٤ حنن، مجمع البيان 1: 239 - 240.
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست