مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٤ - الصفحة ٢٧
كل قائل وخطيب، وبكلامه استعان كل واعظ بليغ، لأن كلامه عليه مسحة من العلم الإلهي، وفيه عبقة من الكلام النبوي " (29).
وكذلك الأئمة الأخيار من أهل البيت الأطهار عليهم السلام، العلماء الأوتاد، والزهاد الأمجاد، والأئمة الأجواد، الذين تحلوا من الفضائل بأحسنها، ومن الشمائل بأجملها وامتلأوا بالعظمة فأقرها لهم العدو قبل الصديق، فكانوا أنوارا كاشفة لسواء الطريق، الأئمة المنتجبون بنص القرآن، وكلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم، للقيادة والإمامة، وما روي عنهم يدل على تحقق ما قال فيهم أبوهم أمير المؤمنين عليه السلام حيث قال: " وإنا لأمراء الكلام، وفينا تنشبت عروقه، وعلينا تهدلت غصونه " (30).
هؤلاء هم مصادر الدعاء المأثور عندنا، وإن ما ورد عنهم من الدعاء لأصدق شاهد، وأقوى دليل على صدق ما قيل.
" فقد أنشأوا " كما يقول واحد من كبار العرفاء " من الدعوات الجليلة والمضامين اللطيفة ما فيه فوق طاقة البشر، من فنون العلم بأسماء الله وصفاته، وما يقتضيه جماله وجلالة، وحق أدب العبودية مع كل، فيما يناسبه مقامه وأوصافه وأحواله، وكيفية الاستعطاف والاسترحام، ولطيف الاستدلالات في استيجاب عفوه وكرمه وفضله، وعرض مذلة الاعتراف عند مقدس أبواب رأفته ورحمته.
ولعمري لو كان للإنسان فكرة أو فطنة لكفاه ما صدر في الدعاء من أئمة الحق، عن كل معجز في إثبات الرسالة والإمامة " (31).
وقد حفظت من أدعية المعصومين عليهم السلام نماذج كثيرة، رويت بأسانيد صحيحة، سجلت في كتب باسم " الصحيفة " لكل واحد منهم عليهم السلام صحيفة أو أكثر.

(29) نهج البلاغة، مقدمة الشريف الرضي: 34.
(30) نهج البلاغة، الخطبة (233): 354.
(31) المراقبات، للملكي: 105.
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست