سوء حظ المؤلف المسكين الذي يقع كتابه - الذي هو عصارة عمره العلمي - بيد من يسمى بالمحقق فيمسخه ويشوهه ويلعب به فيقلب معانيه وألفاظ ويغلط الصحيح منه ويحذف ما شاء له أن يحذف من أصل الكتاب ولا عذر له سوى أنه لم يتمكن من قراءة كلمة أو لا يعرف معناها، أو أنها غلط (بنظره السقيم). ناهيك عن المحقق ذي الاسم المعروف أو القلب الفخم أو ذي الرتبة العلمية المزعومة، فحينئذ يفعل ما يشاء في الكتاب، واسمه وعنوانه على غلاف الكتاب كافيان لأن ينظر إلى الكتاب بعين الاعتبار والقبول وإن كان لم يأت بمعجزة فيه و " إذا شاعت لك ذب سلاحك ". وحسبه أن ينزل الكتاب إلى الأسواق وهو يحمل اسم وعنوان المحقق كي يكسب به بعض المال أو ينال به أمورا أخرى تافهة، ويغفل عن محاسبة قد تطاله - إن عاجلا أو آجلا - فتبدي أفعاله كما هي وتضعه أمام القراء والناقدين عاريا مجردا، كاشفة بذلك عن سوأته للرائين، مبدية ما اقترفه بشأن الكتاب للملأ العلمي.
أقول: فمع ملاحظة هذه الأمور كلها، كيف يحصل للإنسان ثقة بما يحققه أمثال هؤلاء مع علمنا بما يفعلون من حذف وتصحيف وتحريف وتلاعب بالكتاب؟!
وهذا - أعني عدم الثقة - هو ما حصل لي بالفعل عندما وقفت على كتاب " بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية " المطبوع في عمان / دار الفكر، بتحقيق الدكتور إبراهيم السامرائي، فكانت لي عليه بعض الملاحظات قد أحببت أن أشير إليها هنا بشكل موجز لا على التفصيل، وما قصدي بذلك سوى أن تكون هذه الملاحظات سببا للاعتناء بشكل أكثر بتراثنا المجيد والحرص عليه والاهتمام به والقيام بمهمة تحقيقه وإخراجه بشكل صحيح.
أقول: قد لفت نظري الكتاب المذكور وظننت بتحقيقه خيرا، خصوصا أنه قد كتب على غلاف الكتاب بخط بارز قد أخذ مكانا لا بأس به من الغلاف:
" حققه وقدم له وعلق عليه الدكتور إبراهيم السامرائي "، والدكتور السامرائي