لكن من تأمل سياق الطرق المذكورة استبعد هذا الجمع.
وقد أجاب ابن الصباغ بأنه لم يستقر عنده القطع بذلك ثم حصل الاتفاق بعد ذلك، وحاصله: أنهما كانتا متواترتين في عصره لكنهما لم يتواترا عنده.
وقال ابن قتيبة في (مشكل القرآن): (ظن ابن مسعود أن المعوذتين ليستا من القرآن، لأنه رأى النبي - صلى الله عليه وآله - يعوذ بهما الحسن والحسين، فأقام على ظنه، ولا نقول: إنه أصاب في ذلك وأخطأ المهاجرون والأنصار).
قال السيوطي: (وأما إسقاطه الفاتحة من مصحفه فليس لظنه أنها ليست من القرآن، معاذ الله، ولكنه ذهب إلى أن القرآن إنما كتب وجمع بين اللوحين مخافة الشك والنسيان والزيادة والنقصان، ورأى أن ذلك مأمون في الحمد لقصرها ووجوب تعلمها على كل واحد) (64).
أقول: هذه وجوه التأويل في حديث إنكار ابن مسعود كون الفاتحة والمعوذتين من القرآن، ولهم في حمل الأحاديث الأخرى وجوه:
1 - الحمل على التفسير:
وقد حمل بعضهم عليه عددا من الأحاديث، من ذلك ما ورد حول ما أسميناه بآية الجهاد فقال: يحمل على التفسير. والمراد من (أسقط من القرآن) أي: أسقط من لفظه فلم تزل الآية بهذا اللفظ، لا أنها كانت منزلة ثم أسقطت، وإلا فما منع عمر وعبد الرحمن من الشهادة على أن الآية من القرآن وإثباتها فيه؟! (65).
ومن ذلك: ما ورد حول آية المحافظة على الصلوات عن عائشة وحفصة من إلحاق كلمة (وصلاة العصر) بقوله تعالى: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) بأن الكلمة أدرجت على سبيل التفسير والإيضاح (66).