دع عنك عاديات الطبيعة في النسخ نفسه من سهو وسبق قلم أو نظر..
وعاديات الطبيعة على الكتاب نفسه - ورقا وحبرا - من رطوبة وحشرات لها بالورق المكتوب ولع غريب.
وليس معنى هذا إنكار ما لبعض الأيدي - متولية وقف أو وارثة - من الأمانة والحيطة على الكتاب.
وليس هو كذلك إنكار فضل أولئك النساخ العارفين الضابطين، فأنت تقرأ في ترجمة ياقوت المستعصمي - الخطاط المعروف - أنه كان مولعا بنسخ نهج البلاغة بخطه المضبوط الجميل.
وتقرأ في تراجم كثير من العلماء أنه كان يكتب خطا فصيحا صحيحا.
هذه النوائب التي حلت بالكتاب - وغيرها كثير - توجب على المحقق أن يكون مدققا منقبا حذرا، ينفض النسخة وجها لبطن، عند فحصه لها.
وليعلم أن للنسخ التي وصلت إلينا حالات غريبة منها:
1 - أن تكون النسخة كاملة سالمة واضحة الخط فصيحته جميلته، بخط مؤلفها أو خط معتمد موثوق به، أو تكون منقوطة مشكولة شكلا كاملا على الصحة، أو تحتوي - من الصور أو الرسوم البيانية أو غير ذلك - ما يضن به على الضياع.
فالأولى طباعة هذه النسخة بالتصوير، كي لا ندخل عليها من سهو القلم وأخطاء التطبيع ما يشوه جمالها ويذهب بصحتها.
ولا يعتذرن - هنا - بصعوبة الحرف المخطوط، فإنه أمر مبالغ فيه، والمطلعون يعلمون أن في تراثنا مخطوطات رائعة الجمال تزري بالخط الطباعي مهما بلغ من الجمال والنظافة، لأن الخط الطباعي خط ميت سطرته آلة ميتة، وخط اليد يستمد حياته من اليد التي كتبته.
والعمل الذي يقوم به المحقق في هذه النسخة:
أ - أن يقدم لها مقدمة وافية في ترجمة المؤلف ووصف النسخة وتوثيق نسبتها وبيان أهميتها...
ب - أن يذيلها بهوامش التحقيق الكافية، وبالفهارس التي توصل القارئ إلى