الحادثة لا يدل على عدم وجوده.
لا، لا نريد المناقشة بذلك، ولا الاصرار عليه على أنه أو بعضه كاف في وهن هذه الرواية وعدم اعتبارها.
وإنما نريد أن نلقي نظرة سريعة على واقع وأخلاقيات الشريف الرضي، لنري إن كانت تنسجم مع إقامة مجالس كهذه أم لا؟
ولا نريد أن نتشبث فيما يذكره كل من ترجم الشريف من إبائه، وعزة نفسه، وطموحه إلى جلائل الأعمال وعظائمها، وتحليه بمحاسن الأخلاق وكرائمها، وترفعه عن كل مهين، وتجنبه كل مشين، ونحو ذلك. فلربما يقال: إن هذا كله لا يتنافى مع صدور ذلك منه، فإن شرب النبيذ، والحضور في مجالسه لم يكن عيبا، ولا هو محل بالمروءة، ولا مهينا للكرامة، بعد أن كل الأعيان والأشراف، وحتى الخلفاء يمارسون ذلك، ولا يأبون عنه، ولا يرون فيه أي محذور.
وإنما نريد أن نشير إلى ما يلي:
أولا: إن الشريف كان منزها عن مثل هذه الأعمال، لأنه كان ورعا متدينا، ملتزما بالدين وقوانينه، حيث يقولون عنه، إنه:
" كان صاحب ورع، وعفة، وعدل في الأقضية، وهيبة في النفوس " (6).
وأن " أمره في العلم، والفضل، والأدل، والورع، وعفة النفس وعلو الهمة، والجلالة، أشهر من أن يذكر " (7).
أنه كان " عالي الهمة متدينا، إلا أنه كان على مذهب القوم إماما للشيعة، هو وأبوه وأخوه " (8).
وأنه: " الشاعر العالم الزاهد " (9)