مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤ - الصفحة ٢٠٠
قرأ مقدمات العلوم على لفيف من رجال الفضل والعلم، وحضر في الفقه والأصول على والده، وشيخ الشريعة الاصفهاني - وقد أخذ عنه الحديث والرجال أيضا - والسيد ميرزا علي ابن المجدد الشيرازي، وفي الفلسفة على الشيخ محمد حسين الاصفهاني، وفي الكلام والتفسير على الشيخ محمد جواد البلاغي، ولازم حلقات دروس مشايخه الثلاثة المتأخرين أكثر من عشرين سنة.
وشهد له بالاجتهاد كل من أستاذه الشيرازي، والميرزا حسين النائيني والشيخ عبد الكريم الحائري، والشيخ محمد رضا - أبي المجد - الاصفهاني والسيد حسن الصدر، والشيخ محمد باقر البيرجندي، وعدد غيرهم.
كما أجازه في رواية الحديث أكثر من ستين عالما من أجلاء العراق وإيران و سوريا ولبنان وغيرها.
والأردوبادي عالم ضخم، وشخصية فذة، ورجل دين مثالي، وقد لا نكون مبالغين إذا ما وصفناه بالعبقرية، فقد ساعده ذكاؤه المفرط واستعداده الفطري على النبوغ في كل المراحل الدراسية والعلوم الإسلامية، حيث برع في الشعر والأدب حتى تفوق على كثير من فضلاء العرب، ووهب أسلوبا ضخما غبطه غليه الكثيرون وتضلع في التاريخ والسير وأيام العرب ووقائعها، وأصبح حجة في علوم الأدب واللغة والفقه و أصوله والحديث والرجال والتفسير والكلام والحكمة وغيرها، ونبغ في كل منها نبوغ المتخصص مما لفت إليه أنظار الأجلاء والأعلام، وأجله بينهم مركزا مرموقا.
أضف إلى ذلك كمالاته النفسية، ومزاياه الفاضلة، فقد كان طاهر الذيل، نقي الضمير، حسن الأخلاق، جم التواضع، يفيض قلبه إيمانا وثقة بالله، ويقطر نبلا و شرفا، وكان حديثه يعرب عما يغمر قلبه من صفاء ونقاء، ويحلي نفسه من طهر وقدسية، وهو ممن يمثل السلف الصالح خير تمثيل، فسيرته الشخصية، وإخلاصه اللا متناهي في كل الأعمال، ولا سيما العلمية، ونكرانه لذاته، وزهده في حطام الدنيا، وإعراضه عن زخارف الحياة ومظاهرها الخداعة، وابتعاده عن طلب الشهرة والضوضاء، صورة الأصل مما كان عليه مشايخنا الماضون رضوان الله عليهم، فقد قنع من الدنيا بالحق، وتخرب له، وجاهد من أجله، ولم تأخذه فيه لومة لائم، فلم تبدله الأحداث، ولم تغيره تقلبات الظروف، بل ظل والاستقامة أبرز مزاياه، حتى اختار الله له دار الإقامة.
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»
الفهرست