بشر الأسدي.
قال ابن حجر في لسانه: ذكره ابن أبي طي في رجال الشيعة الإمامية، وقال: إنه كان محدثا فاضلا جيد الخط والقراءة عارفا بالرجال والتواريخ جوالا في طلب الحديث، اعتنى بحديث جعفر الصادق، ورتبه على المسند وسماه (جامع المسانيد) كتب منه ثلاثة آلاف... ولم يتمه، ووثقه الشيخ المفيد (219).
ونجد في المعاصرين من تصدى لمثل هذا الأمر: فالشيخ محمد بن الميرزا علي أكبر التبريزي المجاهد، قد ألف كتاب " سلاسل الذهب فيما يرويه العترة، عن سيد العجم والعرب " جمع فيه الأخبار التي رواها الأئمة المعصومون، عن جدهم النبي صلى الله عليه وآله مسندا (220).
ومن هنا يتأكد لدينا أن الكلمة " أسند عنه " في نفسها لا تدل على الوثاقة أو المدح، كما لا تدل على القدح والجرح، بل إنما تدل على مخالفة الراوي لنا في المذاهب إلا إذا اقترن بقرائن أخرى، أو عورض بتوثيقات فالأمر يدور مدار ذلك.
فما ذكره العلامة المحدث المجلسي الأول من: دلالة اللفظ على المدح وأنه كالتوثيق، وأنه أحسن من قولهم في مقام مدح الراوي: لا بأس به (221).
وكذا ما ذكره المحقق الوحيد البهبهاني من أنه: لعل المراد سماع الرواية على سبيل الاستناد والاعتماد (222).
وما عن القوانين من جعل الكلمة من أسباب الوثاقة (223).
كل ذلك مبني على تفسيرهم الكلمة بغير ما ذكرنا، وقد عرفت عدم إمكان تصحيح ما ذكروه.
وكذا اعتبار الكلمة قدحا مباشرا في الراوي لا وجه له.
ويؤيد ما ذهبنا إليه أن بعض الموصوفين قد صرح بضعفه وهو محمد بن عبد الملك، الذي ضعفه الشيخ الطوسي بعد وصفه بقوله " أسند عنه " (224) كما أن بعضهم من أجلاء الطائفة كمحمد بن مسلم.
ومن هنا يمكن أن تفسر ظاهرة قلة روايات بعض الموصوفين، بل عدم وجود الرواية عنهم في مصادرنا الحديثية أصلا، بأن هؤلاء - غالبا - ليسوا من رجال حديثنا، ولم يقعوا في طريق رواياتنا، ولم يتصد أعلامنا للنقل عنهم إلا في أبواب خاصة، كباب الفضائل وما أشبهه.