روي ذلك عن جابر بن عبد الله الأنصاري في المشهور عنه شهرة عظيمة. (1) وإذا كانت مريم بنت عمران شريكة عيسى (عليه السلام) في تبيان المعجزة، وهي كونها محلا له (عليه السلام) ووعاء طيبا لحفظه ورعايتها إياه إيمانا منها بذلك، فإن فاطمة (عليها السلام) في موقعها بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يقل دورها عن خطبة الغدير مثلا وغيرها من المواقف النبوية في إثبات الإمامة لعلي (عليه السلام)، ومعنى ذلك أنها تشاركه (صلى الله عليه وآله وسلم) في إثبات حجية الإمامة، فضلا عن حجيتها على الأئمة (عليهم السلام)، وذلك لرجوعهم إلى مصحفها (عليها السلام) إذ هو أحد منابع علومهم الإلهية.
كما أن الإيمان بمريم (عليها السلام) ومنزلتها ليس من مختصات الديانة المسيحية، بل لدى المسلمين كذلك، فإن الآيات النازلة بفاطمة وأهل البيت (عليهم السلام) تشهد لهم بالقيمومة على الخلق ووجوب الإيمان والتسليم لذلك.
على أنا نود الإشارة إلى أن الزهراء (عليها السلام) وجودها تنزيلي، ولذا لم يكتب لها البقاء طويلا، إذ وجودها بوجود النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فكان التحاقها بالرفيق الأعلى بعيد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إحدى الشواهد على هذه الخاصية الإلهية.