فكيف الأمر لو كان التعارض المدعى بين الصحيح الثابت اتفاقا وبين الضعيف، أو الموضوع، أو المؤول بما يتفق مع الصحيح؟!
وسوف نرى أن الأحاديث التي نسبت الإمام المهدي إلى العباس بن عبد المطلب صلى الله عليه وله وسلم, لا ترقى إلى مستوى الأحاديث الأخرى المبينة أنه من ولد فاطمة عليها السلام، ولا تصل إلى ذلك المستوى من الثبوت، وهي:
1 - حديث الرايات السود:
روى أحمد في مسنده، عن وكيع، عن شريك، عن علي بن زيد، عن أبي قلابة، عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتم الرايات السود قد أقبلت من خراسان فأتوها ولو حبوا على الثلج، فإن فيها خليفة الله المهدي (70).
وقد أخرج هذا الحديث - باختلاف يسير - البلخي في البدء والتاريخ (71)، وابن ماجة في سننه من طريق آخر (72).
وفيه:
أ - ليس في هذا الحديث ما يدل على كون (خليفة الله المهدي) هو من ولد العباس كما ظن البعض أنه المهدي العباسي! لذكر (الرايات السود) وإن كانت رايات بني العباس التي أقبلت من خراسان سودا، ومع القول بصحة الحديث فلا دليل في المقام على حصر الرايات السود برايات بني العباس.
ب - لو سلمنا بصحة الحديث، فلا دلالة فيه أيضا على أن (خليفة الله المهدي) هو المهدي العباسي (ت 169 ه)، لأنه لم يكن في آخر الزمان،