في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٧٧
اختلاف الأمة في درجات حبهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم:
وليست الأمة المؤمنة في ذلك شرعا سواء بل هم فيه متفاوتون على اختلاف درجات عرفانهم به، كاختلافهم في حب الله تعالى.
قال الإمام القرطبي: كل من آمن بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إيمانا صحيحا لا يخلو عن وجدان شئ من تلك المحبة الراجحة غير أنهم متفاوتون فمنهم من أخذ من تلك المرتبة بالحظ الأوفى، ومنهم من أخذ منها بالحظ الأدنى كمن كان مستغرقا في الشهوات محجوبا في الفضلات في أكثر الأوقات، لكن الكثير منهم إذا ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم اشتاق إلى رؤيته بحيث يؤثرها على أهله وولده وماله ووالده ويبذل نفسه في الأمور الخطيرة ويجد مخبر ذلك من نفسه وجدانا لا تردد فيه (1).
مظاهر الحب في الحياة:
إن لهذا الحب مظاهر ومجالي، إذ ليس الحب شيئا يستقر في صقع النفس من دون أن يكون له انعكاس خارجي على أعمال الإنسان وتصرفاته، بل إن من خصائص الحب أن يظهر أثره على جسم الإنسان وملامحه، وعلى قوله وفعله، بصورة مشهودة وملموسة.
فحب الله ورسوله الكريم لا ينفك عن اتباع دينه، والاستنان بسنته،

(1) فتح الباري لابن حجر 1: 50 - 51.
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»