والإتيان بأوامره والانتهاء عن نواهيه، ولا يعقل أبدا أن يكون المرء محبا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشد الحب، ومع ذلك يخالفه فيما يبغضه، ولا يرضيه، فمن ادعى الحب في النفس وخالف في العمل فقد جمع بين شيئين متخالفين متضادين.
ولنعم ما قال الإمام جعفر الصادق - عليه لسلام في هذا الصدد موجها كلامه إلى مدعي الحب الإلهي كذبا:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه * هذا لعمري في الفعال بديع لو كان حبك صادقا لأطعته * إن المحب لمن يحب مطيع (1) نعم لا يقتصر أثر الحب على هذا بل له آثار أخرى في حياة المحب، فهو يزور محبوبه ويكرمه ويعظمه ويزيل حاجته، ويذب عنه، ويدفع عنه كل كارثة ويهيئ له ما يريحه ويسره إذا كان حيا.
وإذا كان المحبوب ميتا أو مفقودا حزن عليه أشد الحزن، وأجرى له الدموع كما فعل النبي يعقوب - عليه السلام عندما افتقد ولده الحبيب يوسف - عليه السلام فبكاه حتى ابيضت عيناه من الحزن، وبقي كظيما حتى إذا هب عليه نسيم من جانب ولده الحبيب المفقود هش له وبش، وهفا إليه شوقا، وحبا.
بل يتعدى أثر الحب عند فقد الحبيب وموته هذا الحد فنجد المحب يحفظ آثار محبوبه، وكل ما يتصل به، من لباسه وأشيائه كقلمه ودفتره وعصاه ونظارته. كما ويحترم أبناءه وأولاده ويحترم جنازته ومثواه ويحتفل كل عام بميلاده وذكرى موته، ويكرمه ويعظمه حبا به ومودة له.