ويظهر من الروايات أن استسقاء أبي طالب بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم كان موضع رضا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإنه بعد ما بعث للرسالة استسقى للناس، فجاء المطر وأخصب الوادي فقال النبي: " لو كان أبو طالب حيا لقرت عيناه، من ينشدنا قوله "؟
فقام علي - عليه السلام وقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كأنك أردت قوله:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل (1) إن التوسل بالأطفال الأبرياء في الاستسقاء أمر ندب إليه الشرع الشريف، فهذا هو الإمام الشافعي يقول في آداب صلاة الاستسقاء: وأحب أن يخرج الصبيان، ويتنظفوا للاستسقاء وكبار النساء ومن لا هيئة له منهن، ولا أحب خروج ذوات الهيئة ولا آمر بإخراج البهائم (2).
وما الهدف من إخراج الصبيان والنساء الطاعنات في السن، إلا استنزال الرحمة بهم وبقداستهم وطهارتهم، وكل ذلك يعرب عن أن التوسل بالأبرياء والصلحاء والمعصومين مفتاح استنزال الرحمة، وكأن المتوسل بهم يقول: ربي وسيدي إن الصغير معصوم من الذنب، والكبير الطاعن في السن أسيرك في أرضك، وكلتا الطائفتين أحق بالرحمة والمرحمة، فلأجلهم أنزل رحمتك إلينا، حتى تعمنا في ظلهم.
فإن الساقي ربما يسقي مساحة كبيرة لأجل شجرة واحدة وفي ظلها