في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢٥
خلق كثير، وأحرقت الأسواق والمدارس وكثر القتل في الشافعية فانتصروا بعد ذلك على الحنفية وأسرفوا في أخذ الثأر منهم في سنة 554 ه‍، ووقعت حوادث وفتن مشابهة بين الشافعية والحنابلة واضطرت السلطات إلى التدخل بالقوة لحسم النزاع في سنة 716 وكثر القتل وحرق المساكن والأسواق في أصبهان، ووقعت حوادث مشابهة بين أصحاب هذه المذاهب وأتباعها في بغداد ودمشق وذهب كل واحد منها إلى تكفير الآخر. فهذا يقول: من لم يكن حنبليا فليس بمسلم، وذاك يغري الجهلة بالطرف الآخر فتقع منهم الإساءة على العلماء والفضلاء منهم وتقع الجرائم الفضيعة (1).
4 - الاستنكار لما ذهب إليه ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب، حيث كفرا جميع الأمة قاطبة سنيها وشيعيها، بحجة أنهم يتوسلون بالنبي والعترة وأنهم يدعونهم ويستغيثون بهم، وأنهم يعمرون قبورهم ويتبركون بها و....
فهل كان النبي يسأل الوافدين عليه المظهرين للشهادة هل يتوسلون بالأنبياء والصالحين أو لا؟ هل يدعونهم ويستغيثون بهم أو لا؟ هل يعمرون قبورهم أو لا؟ هل يتبركون بآثارهم أو لا؟
أو أنه كان يكتفي في الحكم عليهم بالإسلام والإيمان بما تضافرت عليه النصوص التي أوقفناك على طائفة كبيرة منها، مع أنه لم تكن حياة العرب ولا غيرهم خالية عن هذه الأمور، بل كانت زاخرة بها وبأمثالها كما

(١) راجع البداية والنهاية لابن كثير ١٤: ٧٦، ومرآة الجنان ٣: ٣٤٣، والكامل لابن الأثير ٨: ٢٢٩، وتذكرة الحفاظ ٣: ٣٧٥، وطبقات الشافعية 3: 109 وغيرها ولاحظ الإمام الصادق: لأسد حيدر، وقد أشبع المقال في هذا المجال.
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»