في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢٤
2 - التأسف على ما مضى من إقدام المذاهب الإسلامية المختلفة على تكفير بعضها بعضا من دون تورع وتحرج، سابقا. فأهل الحديث والحنابلة يكفرون المعتزلة، والمعتزلة يكفرون أهل الحديث والحنابلة.
ثم لما ظهر الأشعري، وحاول إصلاح عقائد أهل الحديث والحنابلة، ثارت ثائرة تلك الطائفة ضده فأخذ الحنابلة يكفرون الأشاعرة، ويلعنونهم ويسبونهم على صهوات المنابر.
فهذا هو السبكي يقول حول تكفير الحنابلة للأشاعرة: هذه هي الفتنة التي طار شررها فملأ الآفاق وطال ضررها فشمل خراسان والشام والحجاز والعراق وعظم خطبها وبلاؤها وقام في سب أهل السنة (يريد بهم الأشاعرة) خطيبها وسفهاؤها، إذ أدى هذا الأمر إلى التصريح بلعن أهل السنة في الجمع، وتوظيف سبهم على المنابر، وصار لأبي الحسن الأشعري - كرم الله وجهه - بها أسوة بعلي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - في زمن بعض بني أمية حيث استولت النواصب على المناصب، واستعلى أولئك السفهاء في المجامع والمراتب (1).
3 - التأسف على سريان هذه الحالة إلى مجال الفروع فإذا بأصحاب المذاهب الفقهية الأربعة تختلف وتتشاحن وتتنازع وتحدث فتن كثيرة ودامية بينها.
فقد وقعت فتنة بين الحنفية والشافعية في نيسابور ذهب تحت هياجها

(1) طبقات الشافعية 3: 391 تأليف تاج الدين السبكي.
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»