في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١١٢
الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا) * (1) أي يودون أن يكونوا ترابا أو ميتا مدفونا تحت الأرض.
ب - يطلق ويراد منه ما هو وصف لنفس الشئ لا بملاحظة شئ آخر فيكتفي بمفعول واحد قال سبحانه: * (الذي خلق فسوى) * (2) وقال سبحانه: * (بلى قادرين على أن نسوي بنانه) * (3)، وقال سبحانه: * (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) * (4).
ففي هذه الموارد تقع التسوية وصفا لنفس الشئ بلا إضافة إلى غيره، ويراد منه حسب اختلاف الموارد تارة كمال الخلقة واستقامته في مقابل نقصه واعوجاجه، وهذا هو المقصود في الآيات الكريمة، وأخرى تعديله مقابل اعوجاجه وبسطه مقابل كونه كالسنام.
إذا عرفت ذلك فلنعد إلى الحديث ولندرسه في ضوء هذه الضابطة.
إن الذي نلاحظه في هذا الحديث هو أنه استعمل لفظ " التسوية " مع مفعول واحد، فلا يراد منه المعنى الأول أي مساواته بالأرض، وإلا كان عليه أن يقول:
" سويته بالأرض " بل يراد منه ما هو وصف لنفس القبر، والمعنى المناسب حينئذ هو تسطيح القبر في مقابل تسنيمه، وبسطه في مقابل اعوجاجه وهذا هو الذي فهمه شراح الحديث، وبما أن السنة كانت هي

(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»