أذن الله سبحانه لهم بالهجرة الأولى إلى أرض الحبشة، التي كانت متجرا لقريش يجدون فيها رفقا من الرزق وأمانا. فخرجوا متسللين سرا، وأميرهم عثمان بن مظعون، فيسر الله لهم ساعة وصولهم إلى الساحل سفينتين للتجار، فحملوهم فيها إلى أرض الحبشة، وخرجت قريش في أثرهم، ولما وصلوا البحر لم يدركوا منهم أحدا.
ومكث عثمان بن مظعون وأصحابه في الحبشة، حتى بلغهم أن قريشا قد أسلمت، فأقبلوا نحو مكة، وما إن اقتربوا منها حتى عرفوا أن قريشا لم تسلم، وأنها ما زالت على عدائها لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فثقل عليهم أن يرجعوا، وتخوفوا أن يدخلوا مكة بغير جوار من بعض أهل مكة، فمكثوا مكانهم حتى دخل كل رجل منهم بجوار من بعض أهل مكة، ودخل عثمان بن مظعون مكة بجوار الوليد بن المغيرة.