سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ١٦٠
مستقبل الرسالة كل مصلح عندما يريد أن يخطط لثورة وتغير لا بد أن يخطط تخطيط شامل بحيث يكون قادرا على مواجهة كل التحديات التي تحيط به سواء كانت تحديات سياسية واقتصادية أو عسكرية فلا بد له من ذلك، فهذا يعمل به صغار المصلحين، فكيف بأنبياء الله تعالى، أولئك الذين وقفوا أمام الشعوب، وتحملوا كل المآسي والآلام والتهم والافتراءات التي ما أنزل الله بها من سلطان، تحملوها في سبيل إبقاء الرسالة وتشيد صرحها وإقامة قواعدها بين الناس، تحملوا كل ذلك ليبقى نور الله في الأرض، يمد الأرض بالسماء ويوصل الناس بالله تعالى، فهل من المعقول أن يذهب الأنبياء بدون حامي وكفيل لرسالاتهم التي تحملوا ما تحملوا من أجلها؟
وهل من المعقول أن يذهب الرجل عن بيته ولا يوصي أحدا بعياله؟ وهل من المعقول أن تموت الرسائل السماوية بموت مرسليها؟ وهل من المعقول أن تترك الأمة وحدها لتحدد أهدافها ومنطلقاتها ومآلها؟ ولماذا لم تترك بدون إرسال أنبياء لتحدد ذلك من أول الأمر؟ فالرسالة لا بد لها من حامي وكفيل وجزى الله الصدوق عندما وضع فصلا في اتصال الوصية من آدم إلى محمد (صلى الله عليه وآله) في كتابه كمال الدنيا وتمام النعمة، فأين الأحاديث النبوية عن الخلافة، ودورهما في المجتمع، هل وضعت وراء الظهر، فهذا كنز العمال يصرح بذلك في الحديث المذكور بأنه " ما كانت نبوة قط إلا وتبعتها خلافة " (1) فإن هذه الأحاديث ردا على أولئك الذين تبجحوا بالكلام على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهذا وزير خارجية رومانيا السابق يقول " لم يعين النبي في زمان حياته خلفا له " (2) وعجيب أمر هؤلاء في خصوص هذه المسألة فإنهم يغمضوا أعينهم عن كل الأحاديث التي وردت في ذلك ولم يلتفتوا لها فيا ترى ما السبب فلنترك السبب إلى المسلمين ليحددوا ذلك بأنفسهم.
خلفاء الأنبياء

١ - كنز العمال: ١١ / 476 رقم 32246.
2 - نظرة جديدة في سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله): كونستانش جيورجيو تعريب محمد النوبختي ص 349.
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 » »»