الثالث: لا إفراط ولا تفريط:
فإنهم أجمعوا على أن الصحابة كسائر الناس فيهم العادل والفاسق، المؤمن والمنافق، وأن الصحبة ليست بوحدها - وإن كانت شرفا - مقتضية عصمتهم ونفي القبيح عنهم، والقرآن مشحون بذكر المنافقين من الصحابة، الذين آذوا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بأقوالهم وأفعالهم في نفسه وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام...
والأحاديث عنه صلى الله عليه وآله وسلم في ذم بعضهم كثيرة ...
وكتب الحديث والآثار مشحونة برد بعضهم على بعض، وتكذيب بعضهم بعضا، وطعن بعضهم في رواية بعض...
وأما أئمة الحديث وكبار التابعين فتلك آراؤهم بالنسبة إلى بعض الصحابة مسجلة في كتب الرجال والتاريخ:
فقد سئل مالك بن أنس: عمن أخذ بحديثين مختلفين حدثه بهما ثقة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتراه من ذلك في سعة؟
فقال: لا والله حتى يصيب الحق، ما الحق إلا في واحد، قولان يكونان صوابا؟ ما الحق وما الصواب إلا في واحد (1).
وعنه أنه سئل عن اختلاف الصحابة فقال:
خطأ وصواب، فانظر في ذلك (2).
وعن أبي حنيفة:
الصحابة كلهم عدول ما عدا رجالا، ثم عد منهم أبا هريرة وأنس بن مالك (3).
وعن الشافعي: