ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يخبر في حديث المنزلة عن ثبوت جميع هذه المنازل القرآنية لهارون وغيرها كما سنقرأ، عن ثبوتها جميعا لعلي ما عدا النبوة، لقد أخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) النبوة بعد شمول تلك الكلمة التي أطلقها، هي تشمل النبوة إلا أنه أخرجها واستثناها استثناء، لقيام الضرورة على أن لا نبي بعده (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويبقى غير هذه المنزلة باقيا وثابتا لعلي (عليه السلام)، وبيان ذلك:
إن عليا (عليه السلام) وإن لم يكن بنبي، وهذا هو الفارق الوحيد بينه وبين هارون في المراتب والمقامات والمنازل المعنوية الثابتة لهارون، وإن لم يكن بنبي، إلا أنه (عليه السلام) يعرف نفسه ويذكر بعض خصائصه وأوصافه في الخطبة القاصعة، نقرأ في نهج البلاغة يقول (عليه السلام):
ولقد علمتم موضعي من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا ولد، يضمني إلى صدره ويكنفني في فراشه، ويمسني جسده، ويشمني عرفه، وكان يمضغ الشئ ثم يلقمنيه، وما وجد لي كذبة بقول ولا خطلة في فعل، ولقد قرن الله به (صلى الله عليه وآله وسلم) من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته، يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم، ليله ونهاره، ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه، يرفع لي في كل يوم