خلقا، وقصور الألسنة عن القدح فيهم مع إعراض ولاة أزمنتهم عنهم، وإيثارهم الغض منهم، والتعريض للوقيعة فيهم بالصلاة الوافرة، فلولا أنهم من صفات الكمال إلى حد يقصر عنه الألسن عن القدح فيهم، ويتحقق كذب الطاعن عليهم ، لما استمر لهم ذلك.
ثم هم مع هذه الأخلاق الطاهرة، والعدالة الظاهرة، يصوبون الإمامية في الأخذ عنهم والعمل بفتاويهم، ويعيبون على غيرهم ممن أفتى باجتهاده وقال برأيه، ويمنعون من يأخذ عنه، ويستخفون رأيه وينسبونه إلى الضلال، يعلم ذلك منهم علما ضروريا صادرا عن النقل المتواتر، فلو كان يسوغ لغيرهم ما ساغ لهم عابوا ، لمكان ما استسلف من اتفاق المسلمين على عدالتهم وصلاحهم، ولأن الاتفاق على عدالتهم والشك في عدالة من سواهم من فقهاء العامة يوجب العمل بقولهم صلوات الله عليهم، ويمنع من العلم بفتوى غيرهم من أرباب الاجتهادات.
وهذه الطرق التي ذكرناها إنما هي على تقدير أن نعرض عن الاستدلال بما خصهم الله به من وجوب الطاعة، واختارهم له من الإمامة، وميزهم به من العصمة التي أوضحنا طرقها في الكتب الكلامية، وحققها علماؤنا. وبتقدير أن نسلك تلك الطرق نستغني عن جميع ما أوردناه.
وقال في ص 442 - 444:
وقال أهل العلم: إن من جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم كفر إجماعا.
... إلى أن قال نقلا عن ابن تيمية: فمن جعل الأنبياء أو الملائكة أو الأئمة والأولياء وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم جلب المنافع ودفع المضار، مثل أن يسألهم غفران الذنوب وهداية القلوب وتفريج الكربات وسد الفاقات، فهو كافر بإجماع المسلمين.