غزوة خيبر: أنه لم يبايع إلا بعد ستة أشهر، وتبعه على ذلك جماعة من عيون الصحابة كالزبير، وعمار، والمقداد... وآخرين.
ثم لما رأى تخلفه يوجب فتقا في الإسلام لا يرتق، وكسرا لا يجبر، وكل أحد يعلم أن عليا عليه السلام ما كان يطلب الخلافة رغبة في الإمرة، ولا حرصا على الملك والغلبة والإثرة، وحديثه مع ابن عباس بذي قار مشهور (1)، وإنما يريد تقوية الإسلام وتوسيع نطاقه، ومد رواقه، وإقامة الحق، وإماتة الباطل.
وحين رأى أن المتخلفين - أعني الخليفة الأول والثاني - بذلا أقصى الجهد في نشر كلمة التوحيد وتجهيز الجنود وتوسيع الفتوح، ولم يستأثروا ولم يستبدوا، بايع وسالم، وأغضى عما يراه حقا له، محافظة على الإسلام أن تتصدع وحدته، وتتفرق كلمته، ويعود الناس إلى جاهليتهم الأولى.
وبقي شيعته منضوين تحت جناحه ومستنيرين بمصباحه، ولم يكن للشيعة والتشيع يومئذ مجال للظهور، لأن الإسلام كان يجري على مناهجه القويمة، حتى إذا تميز الحق من الباطل وتبين الرشد من الغي وامتنع معاوية عن البيعة لعلي عليه السلام وحاربه في (صفين)، انضم بقية الصحابة إلى علي حتى قتل أكثرهم تحت رايته، وكان معه من عظماء أصحاب النبي ثمانون رجلا كلهم بدري عقبي، كعمار بن ياسر، وخزيمة ذي الشهادتين، وأبي أيوب الأنصاري... ونظرائهم (2).